‘الوصول إلى صفر وفيات الأمهات التي من الممكن تفاديها’ يعد واحد من الأهداف الإستراتيجية الثلاثة لصندوق الأمم المتحدة للسكان عالمياً. مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين يعمل جاهداً من أجل تحقيق هذا الهدف من ضمن البرنامج القائم للصحة الجنسية والإنجابية.
تعد وفيات الأمهات من أصعب المسائل المتعلقة بشؤون الصحة الجنسية والإنجابية عالمياً، ولا سيما في فلسطين. وفق دراسة تابعة لصندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين في سنة ٢٠٢٠، قد تزايدت نسبة وفيات الأمهات في سنة ٢٠٢٠ بنسبة ٤٣٪ بالمقارنة مع سنة ٢٠١٩.
تعد الوقاية من المراضة الشديدة للأمهات وعلاجها واحدة من التدخلات المهمة للتقليل من نسب وفيات الأمهات وتحسين الخدمات الصحية للأمومة. مراضة الأمهات الشديدة هي عندما تكون المرأة في حالة مرض شديد أو مواجهة مضاعفات متعلقة بالحمل أو الولادة، التي من الممكن أن تهدد بحياتها.
الدكتور خالد زمو، هو مستشار في طب التوليد والأمراض النسائية، ونائب لجنة مراضة الأمهات الشديدة في فلسطين. يعقب د. خالد على التطور الملحوظ في موضوع البروتوكولات المتعلقة بوفيات الأمهات، كجزء من المشروع المدعوم من اليابان، بالتنسيق مع الجهات المحلية. على سبيل المثال، البروتوكول المتعلق بالجلطات الوريدية أثناء الحمل، والذي أعقبه تدريب أعده صندوق الأمم المتحدة للسكان لحوالي مئة عامل وعاملة صحية في فلسطين.
جلسة تدريبية في موضوع جلطات الوريدية لعاملين صحيين – وزارة الصحة الفلسطينية
يعقب د. خالد على مشكلة المراضة الشديدة للأمهات، وانتشارها الكبير في قطاع غزة: "يعود ذلك لعدة أسباب من ضمنها شح الخدمات المناسبة، التأخير في الحصول عليها، وقلة الوعي للأعراض أو متى يتوجب التوجه للعناية الطبية".
وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية، تواجه واحدة من كل خمس نساء حوامل في الضفة الغربية حالة حمل خطير، بينما تكبر النسبة في قطاع غزة حيث تصل إلى واحدة من كل ثلاث نساء حوامل.
يشير د. خالد إلى أهمية مشروع صندوق الأمم المتحدة للسكان، من خلال الدعم الياباني، لشراء وتوزيع ١٥٠ بالون بكري لجميع المستشفيات الحكومية في قطاع غزة. ويضيف: 'بالون بكري هو أداة بسيطة لكنها جديرة بحماية حياة الأم بعد الولادة، من خلال توقيف نزيف ما بعد الولادة في حالات المراضة الشديدة. لم تتوفر بالونات بكري في غزة سابقاً، لكن بفضل هذا البرنامج، تمكنا من تقليل حالات موت الأمهات المتعلق بالنزيف بشكل ملحوظ منذ عام ٢٠٢١.
السيدة سما رزق - منسقة برنامج صندوق الأمم المتحدة للسكان في وزارة الصحة الفلسطينية في غزة - قد لاحظت التأثير الإيجابي لهذا البرنامج على صحة النساء في فلسطين، وتشدد على أهمية تطوير نظام الكتروني لتسجيل حالات المراضة الشديدة للأمهات، والذي تم تطويره والعمل عليه من ضمن المشروع الياباني ذاته. تقول السيدة سما: "بإمكاننا الآن تحليل البيانات ورصد عوامل الخطر بسهولة أكبر. من شأن ذلك أن يساعدنا في تطوير تدخلات مبنية على أدلة وبيانات علمية، لتقليل حالات وفيات الأمهات".
واجهة السيدة سما حالة مراضة شديدة خلال حملها الأخير منذ أربع سنوات. تذكر التعب الشديد الذي كانت تشعر به في الثلث الأخير من حملها، وأن حبوب الحديد لم تعد تخفف من تعبها. في اليوم الأخير قبل الولادة، بينما كانت ترتب المنزل، بدأت بالنزيف الشديد وتم نقلها لأقرب مستشفى. أخبرها الأطباء انه تم انفصال المشيمة ويجب أن تتم عملية الولادة خلال نصف ساعة.
كانت تعاني مولودتها الجديدة من نقص في التغذية وبقيت في المستشفى لثلاثة أيام إضافية. بقيت السيدة سما تعاني من ضعف في قوة الدم واضطرت لتلقي وحدة دم. كما وأنها واجهت مشاكل في إرضاع مولودتها، إلى حين أن بدأت الأمور بالتحسن لكل من السيدة سما وابنتها.
تذكر السيدة سما: "كنت أعاني من احباط واكتئاب في تلك الفترة، كنت قلقة على صحة ابنتي. لكن الحمد لله، كان الأطباء والممرضات والقابلات في المستشفى الحكومي متجاوبين ومهنيين وداعمين جداً". تحث السيدة سما جميع النساء الحوامل أن يحذرن ولا يرهقن أنفسهن خلال الحمل، أن يذهبن للفحص الدوري، واللجوء للعناية الطبية عند مواجهة أي أمر طارئ مثل النزيف المهبلي".
أخيراً، تعبر السيدة سما عن امتنانها للشعب الياباني: "الدعم الياباني يعني الإنسانية. في غزة، الجميع يشعر بالروح الإنسانية في المشاريع المدعومة من اليابان. هو دعم حقيقي من شعب لشعب. نأمل أن تستمر وتتوسع هذه المشاريع بشكل أكبر في المستقبل."