أنت هنا

مرحباً بكم في إحتفالية إطلاق تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان عن حالة السكان في العالم 2015، بعنوان ’’الاحتماء من العاصفة: البرنامج التطويري للنساء والفتيات في عالم معرض للأزمات‘‘.

تخيل إمرأة حامل في شهرها التاسع، وقد بدأت تشعر بآلام المخاض. إلا أن  نيران المدافع في القرية تعزلها عن كل الجيران والأصدقاء وخدمات الرعاية الصحية. لذا عليها أن تتولى  عملية الوضع بنفسها.

تخيل إحدى المراهقات في مخيم للنازحين. وعند خروجها إلى المرحاض فى  المساء، هاجمها أحد الرجال. وليس هناك من تطلب منه المساعدة.

تخيل أم في طريقها إلى مستوصف محلي للحصول على أدوية لمنع انتقال فيروس نقص المناعة البشرية إلى وليدها، لكنها تجد المستوصف وقد تحول إلى ركام بعد أن ضربه زلزال.

فعلى الرغم من أن الأمور قد تحسنت على مدى العقدين الماضيين، إلا أن أهوالل كتلك لا تزال تشكل حقيقة مؤلمة للنساء والمراهقات في أوقات الأزمات حول العالم.

تضيق المساحة حول صحة وحقوق المرأة عندما  تدمر الكوارث الطبيعية  المستشفيات، وعندما  تقوض النزاعات سيادة القانون وتجعل المرأة أكثر  ضعفاً وعرضة  للاغتصاب، وعندما يحول انتشار الأوبئة دون حصول المرأة الحامل  على الخدمات التي تقدمها  القابلة.

ففي غياب الحماية المعتادة التي توفرها الأسرة والمجتمع، يصبح من السهل أن تقع  النساء والفتيات كضحايا للعنف الجنسي ولحالات الحمل غير المرغوب  وللأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي.

دعونا نلقى نظرة على   الحقائق:

تموت كل يوم 507 سيدة وفتاة مراهقة بسبب مضاعفات الحمل والولادة فى حالات الأزمات مثل الزلازل والنزاعات.

هناك 100 مليون شخص فى حاجة  إلى المساعدة الإنسانية هذا العام.  يمثل النساء والفتيات المراهقات اللاتى فى سن الإنجاب25 مليون منهم.

اقتلعت النزاعات  قرابة 60 مليون شخص من جذورهم – ويعتبر هذا أكبر رقم  منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

في هذه الحالات، تكون النساء والفتيات عرضة للمخاطر وأكثر ضعفاً بدرجة مرتفعة بصورة غير متناسبة.

إن ما يتاح لهن من خدمات ودعم في أوقات الأزمات منخفض بصورة غير متناسبة مع احتياجاتهم.

يدعو تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان ’’الاحتماء من العاصفة‘‘ الحكومات والهيئات ذات الصلة لتقديم  المساعدات في كل مكان إلى إعطاء أولوية متقدمة في جدول الأعمال الإنساني العالمي لصحة النساء وحقوقهن، ولا سيما صحتهن الجنسية والإنجابية.

كما يدعو تقرير حالة سكان العالم إلى توفير مأوى أفضل لمساعدة النساء والمراهقات على تفادي العواصف المتمثلة في الكوارث والنزاعات التي تحدق بنا اليوم.

إن الخدمات الأساسية الهامة مثل خدمات الصحة النفاسية ووسائل منع الحمل ضرورية لإنقاذ حياة النساء وتمكين المراهقين من تحقيق الانتقال المأمون والصحي من مرحلة المراهقة إلى مرحلة الرشد، مع الاحتفاظ بكامل حقوقهم وكرامتهم.

وما يتوفر حالياً من مأوى ليس كافياً لحماية جميع المحتاجين إليه.

إن الحاجة إلى المساعدة الإنسانية بلغت مستويات قياسية. ففي العام الماضي، على سبيل المثال، احتاجت الأمم المتحدة إلى مبلغ قياسي قدره 19.5 مليار دولار للاستجابة للأزمات حول العالم. ومع ذلك، فقد واجهت عجزاً قياسياً قدره 7.5 مليارات دولار فيما يتعلق بالاستجابة الإنسانية. ويواجه صندوق الأمم المتحدة للسكان أيضاً حالات عجز كبيرة لتلبية ما يقوم به من أعمال لحماية الصحة وإنقاذ أرواح النساء والشباب.

ومن الواضح أن الطلب على المساعدات يفوق العرض. وهذا لا يجعل استمرار الوضع على ما هو عليه أمراً ممكناً.   

ويدعو تقرير حالة سكان العالم إلى تطبيق خطة تطويرية جديدة إزاء المساعدة الإنسانية تقوم على أربع نقاط.

أولاً، تلبية جميع الاحتياجات الملحة – والاعتراف بأن صحة المرأة وحقوقها لا  يمكن معالجتها كأمر ثانوي. إن حصول النساء على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية في وقت الأزمات هو مسألة حياة أو موت بالنسبة إليهن.

ثانياً، تعزيز الاستثمارات في أنشطة الوقاية والتأهب من أجل التخفيف من أثر الأزمات في المستقبل. فاليوم، لا تستأثر أنشطة الوقاية والتأهب إلا بخمس سنتات فقط من كل دولار مخصص للأنشطة الإنسانية.

ثالثاً، الاستثمار في تنمية القدرة على الصمود ومواجهة الأزمات – لدى الحكومات، والمؤسسات، والمجتمعات المحلية، والأفراد. ويتمثل أحد سبل تحقيق هذا الصمود في التنمية الشاملة للجميع والمنصفة، والتي تحترم حقوق الجميع وتحميها، بما في ذلك الحقوق الإنجابية والحق في الصحة الجنسية.

رابعاً، وربما النقطة الأهم في الخطة التطويرية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، ألا وهي إزالة الحاجز الذي يفصل بين المساعدة الإنسانية والتنمية.

فالأعمال التي يضطلع بها من أجل تعزيز التنمية المنصفة – والتي تحقق النفع على حد سواء لكل من النساء والرجال والفتيان والفتيات – من شأنها أن تحقق الصمود وأن تشكل واقياً يحمي من الصدمات حينما تحل الكوارث أو تندلع النزاعات.

وإذا ما اتبع في توفير الاستجابة الإنسانية نهجٌ يعزز المساواة بين الجنسين ويلبي احتياجات الجميع، بما في ذلك الاحتياجات الجنسية والإنجابية للنساء والمراهقات، فإن ذلك من شأنه أن يرسخ الأساس لتحقيق الانتعاش السريع من النزاعات وفيما بعدها وأن يحقق الصمود والتنمية.

إن صندوق الأمم المتحدة للسكان يرى في هذه الخطة التطويرية سبيلاً نحو عالم يتوقف فيه الحرمان الذي تعانيه النساء والفتيات من عدة وجوه، ويتسنى فيه تمكينهن على قدم المساواة لكي تحققن كامل إمكاناتهن قبل الأزمات وأثناءها وبعده