أنت هنا

 

 

انطلق مع عام 2020  عقد العمل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وفي هذه السنوات  ينتظر  غالبية سكان العالم تحقق حلمهم في إعمال كافة حقوق الإنسان الأساسية، ومن بين من ينتظرون تحقق ذلك مئات ملايين النساء والفتيات اللواتي ما زلن ضحايا الممارسات الضارة.

 

ترنوا أفئدة ملايين النساء ومعهن النساء والفتيات العربيات إلى واقع لا يكون فيه مصيرهن ذات المصير ل 92% من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و 49 عاماً اللاتي تعرضن لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في مصر، أو 90% في جيبوتي، أو 87% في السودان  أو  بنسب أقل في غيرها من البلدان.

 

آن أوان العمل الجاد لضمان ألا يكون مصير الفتيات العربيات كمصير  33,000 فتاة دون سن الثامنة عشرة أجبرن على الزواج.

 

هذا غيض من فيض ما تتعرض له ملايين النساء والفتيات من مختلف أنحاء العالم وفي منطقتنا، وقد سردها صندوق الأمم المتحدة للسكان في تقريره السنوي عن حالة سكان العالم تحت عنوان:" ضد إرادتي.....تحديّ الممارسات التي تضرُّ بالنساء والفتيات وتُقوِّض المساواة"

 

إن الممارسات الضارة التي ترتكب بحق النساء والفتيات عالميا سواء بشكل مباشر أو غير مباشر تنتهك كافة المواثيق والأعراف الدولية، ولا تتماشى مع التزامات مختلف الدول تجاه الاتفاقيات والمعاهدات ذات الصلة التي وقعت عليها. إن جملة الممارسات الضارة هذه تضر بالنساء والفتيات بدنياً أو نفسياً، أو كليهما وما يدمي القلب أنها تمارس بمعرفة ورضى كامليْن من الأسر والمجتمعات المحلية وحتى عندما تحظرها القوانين يجد المنتهكون سبلا للالتفاف عليها دون رادع في أحيان كثيرة.

 

يتناول تقرير حالة سكان العالم ثلاثا من بين أكثر الممارسات الضارة انتشارا وهي: تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية (المعروف بالختان)، وزواج الأطفال، وتفضيل البنين. إن المثير للحزن والاستهجان أن هذه الممارسات تستمر وتتعمق في مناطق كثيرة رغم اجماع معظم دول العالم على اعتبارها انتهاكات لحقوق الإنسان.

 

لقد آن الوقت للتعامل مع الحظوة الظالمة التي يتمتع بها الذكور على حساب الإناث، لقد وصلت هذه الحظوة لدرجة تدفع كثيرا من الأسرلاتخاذ كل ما يلزم من ممارسات لتحاشي إنجاب أنثى، وحتى إذا أنجبت، يتم إهمال رعايتها وصحتها لفائدة الذكر ... هذا التفضيل يجاهر به علنا وتحتفل الأسر بانجاب الذكور فيما يرهقها عدم الرضى واستهجانات المحيطين من ذوي القربى والمجتمع في حال كان المولود أنثى.

 

كما يذكر تقرير حالة سكان العالم:" يُعد أكثر من 140 مليون أنثى في عداد المفقودات حالياً (1970 – 2020) جرّاء ممارسة الاختيار المتحيز لجنس الجنين بالإضافة إلى اختيار جنس الجنين  بعد الولادة. ويضيف: " وقد يؤدي اختيار نوع جنس الجنين إلى تشويه التركيبة السكانية في البلدان لأجيال. ويتمثل أثره الأوضح والأقرب في زيادة الاختلال بنسبة مواليد الجنسين. وبمرور الوقت، تتخذ تلك الاختلالات النسبية شكلَ نساء مفقودات ومُسنات مفقودات".

 

ورغم شح البيانات عن ظاهرة تفضيل جنس الجنين في المنطقة العربية إلا أن تقديرات مواليد الإناث المفقودات بسبب اختيار جنس الجنين المتحيز قبل الولادة في تونس مثلا بلغ نحو  1400 خلال خمس سنوات(2013 - 2017)، ولكن تونس التي كانت ذات يوم تعاني من اختلالات في نسبة النوع الاجتماعي تعتبر اليوم نسب جنس الجنين عند الولادة فيها قريبة من المستوى الطبيعي.

 

وتُعزى وفيات بعض الفتيات إلى الإهمال وأشكال أخرى من الاختيار المتحيز لجنس الجنين بعد الولادة ففي مصر قدرت في عام 2012 زيادة معدل وفيات الإناث دون سن الخامسة الناجمة عن هذه الممارسات 2.4% لكل 1000 ولادة من مجمل وفيات الفتيات دون الخامسة التي بلغت 5.6%. . وفي الأردن بلغت النسبة 1.9% من مجمل وفيات الفتيات دون الخامسة التي بلغت 5.0% .

 

ورغم كل ما اتخذ من إجراءات وبذل من جهود لمواجهة هذه الممارسة الخطيرة إلا أن 4.1 مليون فتاة وامرأة تبقى عرضة لتلك الممارسة في 2020 وحدها. بينما هناك  200 مليون امراة  على قيد الحياة اليوم تعرضت لهذه الممارسة.

 

لا مبرر طبي أو قانوني أو ديني لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، وكل الأوهام  بأنها تحسّن الخصوبة أو تُعزز المتعة الجنسية للرجال أو تقمع النشاط الجنسي للإناث وغير ذلك ما هي إلا مجرد أوهام ترمي للاستمرار في هذه الجريمة وعدم وقفها فورا. وتخضع في عام 2020 نحو 4.1 مليون فتاة لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية (المعروف بالختان) في العالم.

 

ويُعتبر زواج الأطفال شكلاً من أشكال الانتهاكات الأساسية لحقوق الإنسان كونه يسلب الفتيات حقهن في التعليم والصحة وآفاق النجاح على المدى البعيد. لقد اتخذت الغالبية العظمى من دول العالم قرارات تحظر هذه الظاهرة لكن ذلك ليس كافيا مع استمرار تكرار زواج الأطفال 33 الف مرة كل يوم.

 

آن الأوان للنظر الى الجمر تحت الرماد وهو معاناة النساء والفتيات من الممارسات الضارة التي تقيد مشاركتهن الفعالة في الاقتصاد والمجتمع وتحرمهن من التمتع بمستقبل زاهر رغم قدراتهن المهارية وكفاءتهن العلمية. … يتعهد صندوق الأمم المتحدة للسكان بمواصلة العمل وتكثيف الجهود لتحقيق الأصفار الثلاث لخطته الاستراتيجية المتمثلة بمستوى صفري من وفيات الأمهات التي يمكن الوقاية منها ومستوى صفري من الممارسات الضارة للعنف القائم على النوع الاجتماعي ومستوى صفري من الاحتياجات غير الملباة لخدمات تنظيم الأسرة على طريق ضمان تمتع الفتيات والنساء بحقوقهن التي أقرتها المواثيق الدولية كاملة غير منقوصة.